‬محللون اقتصاديون‮ ‬يؤكدون‮ ‬أن مشروع‮ ‬القانون المالي‮ ‬لم‮ ‬يأت بجديد خالد‮ ‬السبيع‮ : ‬المشروع‮ ‬يمثل قمة‮ ‬التقهقر والتراجع/ نجيب أقصبي‮:‬‮ ‬مجرد توقعات في‮ ‬إطار العجز المالي‮ ‬والضائقة الاقتصادية

 

هيمنت المقاربة التقشفية على قانون مالية‮ ‬2014‮ ‬الذي‮ ‬وضعته حكومة عبد الإله بنكيران لدى البرلمان‮ ‬يوم الاثنين المنصرم،‮ ‬ومن المفترض أن تكون تمت مناقشته والمصادقة عليه في‮ ‬جلسة جمعت أعضاء‮ ‬غرفتي‮ ‬المجلس عشية أمس‮ (‬الأربعاء‮). ‬وجاء مشروع قانون الميزانية لهذه السنة،‮ ‬بتخفيضات مست جل القطاعات على رأسها نفقات الاستثمار بأزيد من‮ ‬9‮ ‬ملايير درهم،‮ ‬لتنتقل من‮ ‬58‭.‬9‭ ‬مليار درهم في‮ ‬ميزانية‮ ‬2013‮ ‬إلى‮ ‬49‭.‬5‮ ‬مليار درهم في‮ ‬قانون مالية‮ ‬2014‮. ‬كما فرضت الحكومة ولأول مرة في‮ ‬المغرب،‮ ‬ضريبة على الفلاحة تدخل حيز التنفيذ مستهل السنة القادمة تخص المقاولات الفلاحية التي‮ ‬يبلغ‮ ‬رقم معاملاتها‮ ‬35‮ ‬مليون درهم فما فوق،‮ ‬بإخضاعها للضريبة على الشركات والضريبة على الدخل‮.‬
فضلاً‮ ‬عن تضمن مشروع قانون المالية لهذه السنة،‮ ‬اعتماد الحكومة لنسب جديدة‮ ‬للضريبة على القيمة المضافة،‮ ‬تتراوح بين‮ ‬10‮ ‬و20‮ ‬في‮ ‬المائة على عدد من المنتوجات والخدمات،‮ ‬وتخفيض ميزانية صندوق المقاصة بحوالي‮ ‬5‮ ‬ملايير درهم،‮ ‬لتستقر تقديرات نفقات الصندوق في‮ ‬35‮ ‬مليار درهم عوض‮ ‬40‮ ‬مليار في‮ ‬سنة‮ ‬2013‭. ‬ويلاحظ أن هذا ثاني‮ ‬مشروع للميزانية العامة تقدمه الحكومة دون أن تسبقه بإعداد قانون تنظيمي‮ ‬جديد للمالية‮ ‬يصلح ويطور ما شاب نظيره القديم من أعطاب،‮ ‬ويسهم في‮ ‬ترسيخ الرقابة على طرق صرف المال العام وترشيدها‮. ‬
في‮ ‬تعليقه على معطيات مشروع قانون المالية الجديد،‮ ‬قال الأخ خالد السبيع،‮ ‬عضو الفريق الاستقلالي‮ ‬بمجلس النواب،‮ ‬والنائب الأول لرئيس لجنة المالية والتنمية الاقتصادية بالمجلس،‮ ‬إن ما جاء في‮ ‬مشروع قانون الميزانية‮ ‬2014‮ ‬يمثل قمة التقهقر والتراجع،‮ ‬معتبرا أن تقليص مناصب الشغل المبرمجة فيه إلى مادون‮ ‬18‮ ‬ألف منصب،‮ ‬منها أزيد من‮ ‬14‮ ‬ألف منصب‮ ‬غادر أصحابها نحو التقاعد هذه السنة زيادة على عدم استعمال المناصب الشاغرة،‮ ‬يجعلنا أمام واقع مخزٍ‮ ‬هو أن المناصب الصافية التي‮ ‬سيتم إحداثها بموجب هذا المشروع لا تتجاوز ألفي‮ ‬منصب مالي‮ ‬جديد،‮ ‬ما‮ ‬يمثل ضربة قاسية للتشغيل في‮ ‬بلادنا‮. ‬مضيفا في‮ ‬اتصال مع‮ ‬‭”‬العلم‮”‬،‮ ‬أن تراكم التراجعات في‮ ‬مجال الاستثمار جعل‮ ‬2013‮ ‬سنة بيضاء بعدما تم سحب‮ ‬15‮ ‬مليار درهم من ميزانية الاستثمار،‮ ‬ما نعكس بشكل سلبي‮ ‬على تباطؤ وثيرة انجاز الاستثمار العمومي‮.‬
كما أشار الأخ‮ ‬‮ ‬خالد السبيع‮ ‬عضو اللجنة المركزية للحزب،‮ ‬أن مشروع المالية الحالي‮ ‬يتضمن تقليص أزيد من‮ ‬10‮ ‬مليارات من ميزانية الاستثمار في‮ ‬مجالات حيوية‮ ‬كالتعليم والتجهيز والنقل والعدل والبيئة‮..‬،‮ ‬فضلا عن تقليص دعم المحروقات الذي‮ ‬اتخذته الحكومة دون أن تفكر في‮ ‬دعم الفئات المعوزة في‮ ‬المجتمع،‮ ‬مشددا على أن عدم الإصلاح الاجتماعي‮ ‬المرتكز على العدالة الاجتماعية بواسطة الرفع من الأجور‮ ‬يتسبب في‮ ‬المزيد من التدهور في‮ ‬القدرة‮ ‬الشرائية للمواطن المغربي‮ ‬الذي‮ ‬يعيش في‮ ‬ظل أزمة خانقة،‮ ‬وينذر بخلق حالة من الاحتقان الاجتماعي‮.‬
في‮ ‬نفس السياق،‮ ‬اعتبر نجيب أقصبي،‮ ‬أستاذ الاقتصاد بمعهد الحسن الثاني‮ ‬للزراعة والبيطرة بالرباط في‮ ‬تصريحات لـ”العلم‮”‬،‮ ‬أن مبلغ‮ ‬الاستثمار المبرمج في‮ ‬إطار مشروع قانون المالية لسنة‮ ‬2014‮ ‬،‮ ‬لم‮ ‬يعد له أي‮ ‬معنى لأن هذه المعطيات والأرقام تبقى مجرد توقعات في‮ ‬إطار العجز المالي‮ ‬والضائقة الاقتصادية التي‮ ‬يعرفها المغرب،‮ ‬ما‮ ‬يجعل من هذه التوقعات مفتوحة على كل الاحتمالات‮. ‬موضحا أن هناك‮ ‬3‮ ‬أبواب كبرى تبني‮ ‬عليها الحكومة تركيبة الميزانية،‮ ‬هي‮ ‬التسيير والدين العام والاستثمار،‮ ‬وبانعدام هامش التحرك في‮ ‬ما‮ ‬يخص العنصرين الأولين‮ (‬التسيير والدين العام‮)‬،‮ ‬فإن الحكومة دائما ما تلجأ لتعويضه بالعنصر الثالث أي‮ ‬الاسستثمار بجعله عاملا للتوازن‮.‬
وشدد أقصبي‮ ‬على كون الحكومة الحالية،‮ ‬لم تطلع الرأي‮ ‬العام على الأرقام الحقيقية فيما‮ ‬يخص نفقات ميزانية‮ ‬2013‮ ‬حتى الآن،‮ ‬معطيا مثالا بمبلغ‮ ‬40‮ ‬مليار درهم الذي‮ ‬كان مخصصا لنفقات صندوق المقاصة،‮ ‬قبل أن‮ ‬يتم الإعلان منتصف السنة الجارية عن‮ ‬حذف‮ ‬15‮ ‬مليار درهم من ميزانية التجهيز بعد‮ ‬3‮ ‬أشهر فقط من تصويت البرلمان على قانون المالية‮. ‬مضيفا أن الأرقام المعلنة في‮ ‬قانون الميزانية لسنة‮ ‬2014،‮ ‬لا تنبئ إلا بتفاقم الأزمة،‮ ‬‭”‬ما‮ ‬يجعل من الصعب أن نتفاءل بها،‮ ‬فما‮ ‬يغلب على توجهات الحكومة الحالية مع الأسف هو هاجز التوازنات على حساب هاجز التنمية الذي‮ ‬تمثلها نفقات الاستثمار‮”.‬
وحول عدد مناصب الشغب المقرر خلقها في‮ ‬إطار قانون المالية لسنة‮ ‬2014،‮ ‬والتي‮ ‬تقل عن‮ ‬18‮ ‬ألف منصب‮. ‬قال نفس المتحدث،‮ ‬إن هناك أرقاما تمثل الحد الأدنى لمناصب الشغل التي‮ ‬من المفروض على الدولة خلقها خاصة في‮ ‬ظل عدم خلق القطاع الخاص لمناصب الشغل الكافية وبعده كل البعد عن ذلك،‮ ‬من تم فإن الحكومة مطالبة بتعويض جزء من هذا الخصاص‮ . ‬موضحا أن رقم‮ ‬17‮ ‬ألف و700‮ ‬منصب الذي‮ ‬يتم ترويجه،‮ ‬يدل على مجهود متواضع ونسبي‮ ‬للحكومة الحالية،‮ ‬خاصة إذا علمنا أنه لا‮ ‬يخص إحداث مناصب صافية فقط،‮ ‬بل‮ ‬يجب أن ننقص منه ما بين‮ ‬12‮ ‬إلى‮ ‬15‮ ‬ألف منصب شغل‮ ‬يغادرها أصحابها كل سنة إلى التقاعد ويتم تعويضها‮. ‬بمعنى أن عدد مناصب الشغل الصافية التي‮ ‬يتم إحداثها لا‮ ‬يتجاوز‮ ‬3‮ ‬آلاف إلى‮ ‬5‮ ‬آلاف منصب على أقصى تقدير،‮ ‬وهو رقم لا‮ ‬يرقى إلى الحد الأدنى المطلوب حتى لو سلمنا بأن الدولة‮ ‬غير مطالبة بتوفير مناصب الشغل للجميع،‮ ‬فهذا الرقم لا‮ ‬يكفي‮ ‬حتى للمحافظة على سير الخدمة العمومية‮.‬
كما أشار المحلل الاقتصادي،‮ ‬إلى كون الحكومة الحالية،‮ ‬من موقعها كمسؤول عن تدبير الشأن العام وكونها من‮ ‬يسهر على وضع مشروع قانون المالية‮. ‬يظهر أن‮ ‬هاجسها‮ ‬الأول هو الخضوع لطبقة رجال المال والأعمال والمؤسسات المالية الدولية من خلال ممارستها لسياسة نيوليبيرالية في‮ ‬الاقتصاد،‮ ‬الأمر الذي‮ ‬يجعلها ذات منظور محدود وأفق ضيق في‮ ‬اختياراتها‮ ‬غير الشعبية،‮ ‬من قبيل إثقال كاهل الطبقات الفقيرة والمتوسطة بالنظام الضريبي‮ ‬والزيادات المتوالية في‮ ‬الأسعار مقابل استفادة طبقات الأغنياء‮.‬
المصدر :  http://www.al-alam.ma

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *