سوريا: قصة تسويق التفاح في طرطوس..!

البوابة العربية لأخبار الفلاحة

تحتل محافظة طرطوس المرتبة الثانية بين محافظات القطر بإنتاج التفاح، بعد محافظة السويداء، ويعتمد قسم كبير من فلاحي المحافظة على ما تنتجه بساتين التفاح. ولكن الملاحظ هذا العام كان قلّة الإنتاج بشكل كبير وملحوظ مع الإشارة إلى أن المحصول لم يكن خالياً من الآفات والأمراض وفي مقدمتها الجرب، فما هو السبب في قلّة الإنتاج وفي انتشار الأمراض في هذه الثمرة التي تعتبر مورداً أساسياً للمزارعين في محافظة طرطوس؟ فتعالوا معنا في هذا الريبورتاج لنسلّط الضوء على الصعوبات والمعوقات التي أدت إلى هذه الحالة:

بداية الجولة كانت في الرابطة الفلاحية في الدريكيش حيث التقينا الأستاذ عزت إبراهيم فحدثنا عن مشاكل تسويق التفاح هذا العام: انخفض إنتاج المحافظة من التفاح خلال هذا العام انخفاضاً ملحوظاً قياساً بإنتاج السنوات الماضية، وانخفاض الإنتاج كان بسبب العوامل المناخية أثناء فترة الإزهار ما جعل نسبة عقد الأزهار ضعيفة جداً، وهذا المناخ أدى أيضاً لانتشار الأمراض الفطرية والأدوية المستخدمة غير مجدية لأن استخدامها لسنوات عديدة أدى إلى ظهور سلالات ذات مناعة لهذه الأدوية والمبيدات، إضافة إلى الارتفاع الكبير الذي شهدته أسعار الأدوية مؤخراً، وقد تضاعف سعرها أربعة أضعاف، وبالتالي كل تلك العوامل مجتمعة أدت إلى تراجع إنتاج المحافظة من التفاح خلال هذا الموسم، فأصبحت العملية عرضاً وطلباً، وأصبح كيلو التفاح يباع بسعر خيالي للتجار ليصل سعر الكيلو غير المصنف  أي المخلوط (نوع أول وثاني) إلى 165 ليرة والنوع المصنف أول من نوع كولدن أبيض ب 140 ليرة وستاركن أحمر نوع أول ب 160-175 ليرة، بينما المؤسسة سعرت الكيلو للستاركن ب 80-85 ليرة فقط، لهذا فضل المزارع تسويق إنتاجه للتجار لتعويض الخسارة الكبيرة التي وقع بها.

مطالب محقّة

عدد من مزارعي التفاح في المحافظة الذين التقينا بهم، نذكر منهم السيد أبو محمد والسيد أبو خليل، تحدّثوا عن ضرورة تأمين مبيدات زراعية حديثة غير مستعملة في السنوات السابقة لتكون فعالة ضد الأمراض والفطريات التي اعتادت وشكلت مناعة للأدوية المستخدمة حالياً، وأن تكون تحت إشراف جهات مختصة لتكون فيها المادة الفعالة غير منتهية الصلاحية إضافة إلى مراعاة خصوصية كل منطقة، فالمناخ في طرطوس يختلف عما هو عليه الحال في حمص أو اللاذقية أو حتى السويداء مع الإشارة إلى أن بعض المزارعين لفت إلى ضرورة مساواة المزارع في طرطوس مع المزارع في محافظة السويداء، لأن المزارع في طرطوس يكافح أكثر من مزارع السويداء بسبب الظروف المناخية السائدة في طرطوس والتي تؤثر سلباً على إنتاج ونوعية التفاح إذا لم يكافح الأمراض.

اجتماع ولكن دون جدوى!

في النصف الأول من الشهر التاسع عقد اجتماع تسويقي على مستوى القطر، بحضور السيد المحافظ والمدير العام للخزن والتبريد ورؤساء فروع الخزن والتسويق في المحافظات والروابط الفلاحية على مستوى المحافظات، وكانت الغاية من هذا الاجتماع إيجاد تسعيرة تأشيرية لمادة التفاح من اجل تسويقها واستلامها من المزارعين بما ينسجم مع التكلفة والواقع، وقد حددت هذه اللجنة سعر الكيلو الواحد من التفاح نوع ستاركن ب(80-85 ل. س) وبمبلغ (60-65 ل.س) للكولدن وتدرّجت الأسعار من 50 – 60 ل.س لبقية الأنواع.

اتصلنا مع السيد أكرم ديوب مدير مؤسسة الخزن والتسويق بطرطوس فعلمنا أنه انتقل من مكان عمله وأوكلت إليه وظيفة أخرى، وقد أفادنا بالرغم من ذلك بأن الكميات كانت قليلة جداً هذا العام وكانت غير مطابقة للمواصفات، إضافة إلى أن هناك تفاوتاً في تقديرات الجهات المعنية، إذ قدرت مديرية الزراعة الإنتاج لهذا العام بحدود 45 ألف طن، في حين قدر اتحاد الفلاحين الإنتاج بحدود 15 ألف طن. وأضاف الأستاذ أكرم أن المؤسسة كانت جاهزة لاستلام أي كمية مع الإشارة إلى أن المؤسسة تقدم للمزارع العبوة وهي مسؤولة عن النقل وهذا يوفّر عليه مبالغ كبيرة.

زيادة الطلب وقلة العرض

رئيس مكتب التسويق في اتحاد  فلاحي طرطوس السيد مضر أسعد أوضح أن أسواق طرطوس أصبحت من الأسواق الرئيسية في سورية وقد ازداد الطلب عليها خلال السنتين الأخيرتين ما جعل أسعار الخضار والفواكه تحلق في المحافظة، وهذا ما حصل أثناء تسويق موسم التفاح الحالي، إضافة إلى قلة العرض وزيادة الطلب على المادة والاستهلاك الزائد في المحافظة بسبب تضاعف عدد السكان والانخفاض الكبير في الإنتاج هذا الموسم بسبب الظروف الجوية، وبالتالي زيادة الأمراض التي استخدمت لها أدوية غير فعالة، كل هذه العوامل مجتمعة أدت إلى ارتفاع الأسعار، فتوجه المزارع للتسويق إلى القطاع الخاص لأن الأسعار التي يدفعها له مضاعفة. وخلال الاجتماع الذي عقد في طرطوس بداية موسم التسويق لوضع الأسعار التأشيرية  للتفاح، كنا قد اقترحنا ضرورة استقدام كميات من تفاح السويداء إلى محافظة طرطوس للتعويض عن النقص الكبير في الإنتاج، وبالتالي توفر المادة بشكل جيد مما سيؤثر حتماً على الأسعار.

أسعار كاوية

من كل ما سبق نجد أن الخاسر الوحيد في هذه العملية هو المستهلك الذي أصبح يشكو من الغلاء الفاحش لكل شيء. يقول عيسى إبراهيم: لقد أصبحنا نحلم بتناول تفاحة صباحاً قبل التوجه إلى العمل. كانوا يقولون تفاحة ولا طبيب، واليوم بات كيلو التفاح يعادل نصف ما يتقاضاه الطبيب، فهل هذا صحيح برأيكم؟!. أما السيدة هناء محمد فتقول: التفاح من الأساسيات في المنزل للكبار والأولاد وخاصة في المدرسة، ولكنه بات صعباً أن نشتري ما نحتاجه من هذه الفاكهة أو من غيرها،  فكيلو التفاح من النوع الأول أحمر وصل سعره إلى 250 ليرة وهذا كثير جداً، والتفاح الأصفر ذو الحبة الصغيرة ويأتي معظمه مصاباً بالجرب أو الدودة  ب 150  ليرة. السيد إبراهيم قال بتهكّم وسخرية: أنا اليوم أكتفي بالسؤال عن أسعار الفواكه وأستمتع بالنظر إليها فقط، لأنني لا أستطيع أن أشتريها على الرغم أنها من إنتاج المحافظة ولا علاقة للدولار بها، وإذا كان سعر الكيلو اليوم ب150-250 ليرة في عز الموسم، فسوف يصل في الشتاء إلى 500 ليرة سورية، خاصة أن التجار احتكروا كامل الموسم في حين أن مؤسسة الخزن والتسويق التي كان من واجبها ذلك لم تسوّق أي كمية حتى اليوم كما علمنا؟

المصدر:http://www.an-nour.com

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *