فلاحو مصر أول دافعي فاتورة سد النهضة

 

يخشى خبراء من تقلص الرقعة الزراعية لمصر مما يهدد مكانتها كبلد زراعي عريق، مع استمرار إثيوبيا في تجاهل مطالب القاهرة بشأن سد النهضة، الرامية للحفاظ على حصة مصر من نهر النيل.

وبيّنت دراسة عن جامعة القاهرة أن “مصر ستفقد أكثر من نصف رقعتها الزراعية إذا ما قامت إثيوبيا بملء الخزان خلال ثلاث سنوات”، أما “إذا تضاعفت مدة الملء، فستفقد 17% من رقعتها الزراعية”.

ورغم أن الرئيس عبد الفتاح السيسي حاول طمأنة المصريين بالقول -في افتتاح مزرعة سمكية السبت- إنه “لا أحد يستطيع المساس بحصة مصر المائية”، فإن توجيهاته للفلاحين بـ”الحد من الزراعات التي تحتاج كميات مياه وفيرة كالأرز”، عكست القلق من تأثر حصة مصر من مياه النهر.

وأعلن وزير الموارد المائية والري محمد عبد العاطي مؤخرا “فشل المفاوضات الفنية الثلاثية بين مصر وإثيوبيا والسودان في التوصل لاتفاق يحفظ حقوق دولة المصب”.

شماعة الفشل وحمّل نقيب الفلاحين السابق عبد الرحمن شكري “نظام السيسي مسؤولية أزمة نقص المياه اللازمة للزراعات الحيوية، نتيجة توقيعه على اتفاق المبادئ مع إثيوبيا والسودان”، مؤكدا أن “توجهات النظام للحد من الزراعات الإستراتيجية، مؤامرة على فلاحي مصر”.

وأبدى شكري دهشته من “مزاعم” وجود أزمة مائية بسبب الزراعات الإستراتيجية كالأرز، رغم إصرار الحكومة على ترك زراعات أقل أهمية كالبرسيم الحجازي والموز التي تمتلكها مؤسسات تابعة للدولة، وأخرى تابعة لرجال أعمال مقربين من النظام، والتي تستهلك كميات مياه أضخم.

ونفى نقيب الفلاحين السابق “جدية سعي النظام لترشيد المياه، بدليل عدم دعم الدولة لبديل الأرز من زراعات حيوية لا تستهلك كميات كبيرة، كالذرة الصفراء التي تستورد مصر منها نحو خمسة ملايين طن سنويا بأسعار مرتفعة”.

وأكد شكري -في حديثه للجزيرة نت- أن دعم زراعة الذرة الصفراء محليا، يوفر الزيوت والأعلاف ويساهم في رفع مستوى دخول الفلاحين الذين خسروا العام الماضي وحده عشرة مليارات جنيه (نحو 600 مليون دولار)، “بسبب تخلي النظام عن دعمهم وتركهم نهبا لمنظومة متوحشة فاسدة من أصحاب المصالح ومصانع الأسمدة”.

تربية المواشي تستهلك كميات مياه أكبر من زراعات إستراتيجية ستنقذ أراضي الدلتا من الملوحة (الجزيرة)

الحرب على الأرز وفسّر الخبير الزراعي مستشار وزير التموين الأسبق عبد التواب بركات سعي السيسي لتحميل مزارعي الأرز بمصر فاتورة انخفاض حصتها من مياه النيل، بأنها “محاولات لتغطية فشله في إدارة ملف سد النهضة”.

وأكد بركات في حديثه للجزيرة نت إصرار النظام على معاداة الأرز تحديدا، حيث أعلن السيسي قبل عام سعيه لتخفيض مساحته إلى 750 ألف فدان فقط وهي لا تكفي مصر إطلاقا، بحسب تعبيره.

ويبدي بركات دهشة بالغة مما سماها “حرب النظام” مبكرا على محصول الأرز الإستراتيجي، وذلك لأن احتجاز إثيوبيا مياه النيل لم يبدأ بعد، مشيرا إلى أن مصر تربعت على عرش الأرز عالميا بنصف الإنتاج العالمي عام 2007.

ومنذ الانقلاب العسكري قبل أربعة أعوام، خرجت مصر من السوق الدولية للأرز، بحسب بركات، مرجعا ذلك إلى التشدد في توقيع الغرامات على المزارعين، والتي كان قد تم إسقاطها إبان فترة الرئيس المعزول محمد مرسي.

واستنكر المتحدث حرب النظام على محاصيل إستراتيجية بدعوى استهلاك كميات كبيرة من المياه، دون وقف إهدار مياه المخزون الجوفي في ملاعب الغولف التي تستهلك كميات أكبر.

وطالب بركات بتطبيق الدورة الزراعية، وتطوير الترع والمجاري المائية لتوفير ربع الاستهلاك الحالي من المياه.

بدوره حذر أستاذ الزراعة في جامعة القاهرة نادر نور الدين من منع الزراعات الكثيفة المياه، لأن الحفاظ على أراضي الدلتا من البوار والملوحة عبر زراعة الأرز مثلا أولى من مشروع تربية المليون رأس من البقر، الذي تتبناه الحكومة ويستهلك كميات مياه أكبر.

ونبّه نور الدين إلى ازدياد نسبة ملوحة نحو 37% من الأراضي الزراعية، والتي لن يغسلها إلا الأرز، مؤكدا أن مصر ستخسر 12 مليار متر مكعب سنويا من حصتها المائية بسبب سد النهضة، وهو ما يكفي لري نحو مليوني فدان.

المصدر :  الجزيرة  

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *